يولي مشروع بيت الحكمة اهتمامًا بالنساء ونجاحهن ومشاركتهن الفعّالة في مشاريع النهضة التي تسعى لتغيير واقع الشرق الأوسط، وينعكس هذا على عدد المترجمات في المشروع اللاتي يمثلن نصف عدد العاملين في المشروع، وعليه استضفنا هنا في مجلة أفكار بلا حدود الدكتورة الصيدلانية ديانا نعوس، لنتحدث معها عن مسيرتها في مشروع بيت الحكمة.

أفكار بلا حدود: أهلًا بكِ ديانا معنا في مجلة أفكار بلا حدود، حدثينا عن نفسك قليلًا.

ديانا نعوس: يسعدني أن أكون معكم في مجلة أفكار بلا حدود وشكرًا على هذه الفرصة. اسمي ديانا نعوس وعمري 27 سنة ولدت في سوريا، حصلت على شهادة البكالوريوس في الصيدلة من جامعة تشرين، وأدرس الآن ماجستير التقانات الحيوية النانوية في جامعة بافيا في إيطاليا. منذ عام 2016 انضممت إلى مشروع أنا أصدق العلم وبدأت بترجمة المقالات الطبية، ثم انضممت إلى مشروع بيت الحكمة عام 2019 وأعمل منذ ذلك الوقت مترجمة في فريق ترجمة مقالات ويكيبيديا.

أفكار بلا حدود: حدثينا عن الاختصاص الذي تدرسينه الآن وكيف نجحت بالحصول عليه؟

ديانا نعوس: حصلت على القبول الجامعي في إيطاليا لدراسة التقانات الحيوية النانوية في جامعة بافيا في إيطاليا، منذ مرحلة الدراسة الثانوية كان حلمي دراسة الصيدلة، وقد حققت علامات تخولني دراسة الطب البشري، لكنني فضلت عليها دراسة الصيدلة. أعتبر هذا الاختصاص خطوة أولى في حلمي أن أصبح باحثة علمية في جامعة رصينة. أدرس هذا الاختصاص باللغة الإنجليزية وقد ساعدتني الترجمة في تقوية لغتي الإنجليزية.

أفكار بلا حدود: هل كان لمشروع بيت الحكمة دور في نجاحك بالحصول على الحصول على القبول الجامعي؟

ديانا نعوس: بالتأكيد، كان لمشروع بيت الحكمة دور كبير في حصولي على القبول الجامعي، بداية من عملي بالترجمة فقد أصبحت لغتي الإنجليزية قوية ما جعل رسالة الدافع التي كتبتها قوية ورصينة، إضافة إلى رسالة التوصية من المشروع التي أضفتها إلى مجمل الأوراق المطلوبة عند التقديم على القبول الجامعي، إذ إن العمل بهكذا مشروع أقنع المسؤولين عن القبول الجامعي بأحقيتي لأنهم يولون اهتمامًا بنوعية الأشخاص الذين يشاركون بأعمال من مهمتها تحسين الواقع ونشر المعلومات الصحيحة، وهذا ما جعل سيرتي الذاتية قوية إضافة لشهادة الإنجاز من مشروع بيت الحكمة إذ حصلت على شهادة إنجاز بعد ترجمتي لـ 500 ألف كلمة لصالح ويكيبيديا العربية، ونالت انتباه المسؤولين في الجامعة. وللعلم هناك زملاء في المشروع استفادوا بشكل كبير من عملهم فس مشروع بيت الحكمة سواء في مقابلات عمل مهنية أو مقابلات للحصول على قبول جامعي.

أفكار بلا حدود: دعينا نتعمق في عملك كمترجمة، ما هي الترجمة بالنسبة لكِ؟

ديانا نعوس: الترجمة هي أحد أهم الأشياء التي حدثت معي في حياتي، إذ ساعدتني كثيرًا في الانفتاح الثقافي وتجاوز الحواجز التي تفرضها اللغة، وبالنسبة لي الترجمة تسد الفجوة بين العرب والدول المتقدمة، ولها دور كبير في التأثير على شريحة واسعة من الناس عندما تنقل لهم أهم أفكار الثقافات الأخرى، والأهم بالنسبة لي أن الترجمة تسهل البحث العلمي للطلاب فتسهل عليهم البحث إن كان حاجز اللغة الأخرى موجودًا.

أفكار بلا حدود: ما الإضافة التي قدمها لكِ بيت الحكمة؟

ديانا نعوس: كانت إضافة مشروع بيت الحكمة كبيرة جدًا في حياتي الشخصية والمهنية، على الصعيد الشخصي كبرت دائرة معارفي من أشخاص يشاركوني الأفكار والتوجهات ذاتها، وعلى الصعيد المهني حصلت على عمل قبل بداية الماجستير بسبب ذكر عملي في بيت الحكمة في سيرتي الذاتية، وأيضًا زادت خبرتي ومعرفتي باللغتين العربية والإنجليزية، وأصبحت قادرة على قراءة أبحاث وكتب باللغة الإنجليزية وكان هذا شيئًا متعذرًا في المرحلة التي سبقت انضمامي لمشروع بيت الحكمة.

أفكار بلا حدود: برأيك ما الأثر الذي يتركه مشروع بيت الحكمة ومن خلفه منظمة أفكار بلا حدود على المجتمع؟

ديانا نعوس: الهدف من المشروع هو إثراء المحتوى العربي على الإنترنت في زمن لا يمثل فيه المحتوى العربي على الإنترنت إلا القليل مقارنة مع لغات من المنطقة ذاتها مثل الفارسية والتركية، لذا أرى بعد خمس سنوات من العمل أن المحتوى العربي يكبر وذلك بفضل مشاريع مثل بيت الحكمة وأنا أصدق العلم. ورأيت أثر بيت الحكمة بالفعل في فترة فيروس كورونا إذ حاولنا بفضل الترجمة عن مصادر موثوقة محاربة وتصحيح طوفان المعلومات المغلوطة التي كانت تنتشر في ذلك الوقت، ولبيت الحكمة أثر آخر هو خلق بيئة منهجية للتفكير والبحث.

أفكار بلا حدود: برأيك ماذا يجب علينا في منطقة الشرق الأوسط لنلحق بركب الدول المتقدمة؟

ديانا نعوس: التغيير ينبع من تضافر جهود جماعية، وعليه فيجب علينا جميعًا المشاركة في هذه الجهود، وبرأيي يوجد تقليل من المجهود الشخصي، إذ يمكن لمبادرة تنطلق من شخص واحد، ومن الضروري القراءة عن شخصيات ملهمة من تاريخنا، إذ يعج التاريخ العربي بمثل هذه الشخصيات. وأخيرً أعتقد أن وجود مشاريع مثل بيت الحكمة هو ما يقود التغيير ويجب دعم هذه المشاريع والاستفادة منها وتكرار تجربتها.

أفكار بلا حدود: برأيك كيف ترين موضوع المساواة بين الرجل والمرأة في الشرق الأوسط؟

ديانا نعوس: كمترجمة أؤمن أن النساء في بلداننا قادرات على النهوض بالمجتمع، فلا ينقصهن شيء، فترى العالمة والطبيبة والمهندسة والمدرسة وغيرها، وهناك انفتاح قوي على مسألة حقوق المرأة، ولا بد من الإشارة أن المساواة الكاملة ما تزال بعيدة نوعًا ما، لكنني مؤمنة بقدرة النساء في بلداننا على الحصول على حقوقهن في كافة المجالات. انظر إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، فمن قاد مسيرة النهوض بالأمة هن النساء ونحن في بلداننا لسنا أقل من النساء الألمانيات وقادرات على صنع التغيير والنهوض بالأمة.

أفكار بلا حدود: من كان مصدرًا لإلهامك وماذا توجهين نصيحة للشبان والشابات الراغبين والراغبات بالدخول إلى عالم الترجمة؟

ديانا نعوس: لعل أهم شخصية أثرت بي هي العالمة ماري كوري، فقد قرأت عنها مقالةً عندما كنت في الصف السابع وألهمتني قصتها وكفاحها في المجال العلمي والوقوف ضد كل من حاول إعاقة طريقها، فهي المرأة التي حصلت على جائزة نوبل في وقت كان الرجال فقط من تُسمع آرائهم العلمية، وبالنسبة للنصيحة فأحثّ الجيل الشاب على القراءة والتفكير وعلى الانضمام إلى مبادرات تطوعية تسعى لتغيير الواقع ونشر المعلومات الصحيحة والمنهج العلمي.

نريد أن نعيد لمنطقتنا مجدها السابق.أتريد ذلك أيضاً؟

خلال العصر الذهبي، ساهمت منطقتنا ببعض أكبر الاختراعات والعجائب العلمية في العالم الحديث. نحن نعيد إيقاد روح المعرفة والمجد والأمل التي ألهمت المنطقة خلال هذه الفترة، ونحن بحاجة إليك.

انضم إلينا