مغالطة المذهب الطبيعي أو المغالطة الطبيعية، مغالطة منطقية يفتعلها الأشخاص عندما يستخلصون استنتاجات حول طبيعة الواقع من ملاحظات الطبيعة، دون الأخذ في الاعتبار ما إذا كانت هذه الملاحظات دقيقة أم لا. وقد طرح هذا المفهوم الفيلسوف البريطاني جورج إدوارد مور في كتابه مبادئ الأخلاق. وقد ساهم مور مع برتراند راسل ولودفيج فيتجنشتاين وقبلهم غوتلوب فريج في تأسيس الفلسفة التحليلية. قاد ورسل التحول عن المثالية في الفلسفة البريطانية وأصبحا معروفين بتأييدهما لمفاهيم الفطرة السليمة والمساهمة في الأخلاق ونظرية المعرفة والميتافيزيقيا.

أكد مور أن الحجج الفلسفية يمكن أن تعاني من الخلط بين استخدام مصطلح في حجة معينة وتعريف هذا المصطلح (في جميع الحجج). أطلق على هذا الالتباس اسم مغالطة المذهب الطبيعي. فقد تدّعي الحجة الأخلاقية مثلًا أنه إذا كان لشيء ما خصائص معينة، فإن هذا الشيء يكون «جيدًا». قد يجادل الساعي وراء المتعة بأن الأشياء «الممتعة» هي أشياء «جيدة». يؤكد مور أنه حتى لو كانت هذه الحجج صحيحة، فإنها لا تقدم تعريفات لمصطلح «الجيّد». لا يمكن تحديد خاصية «الخير»، يمكن فقط عرضها وإدراكها.

أوضح الفيلسوف البريطاني مور أن المغالطة الطبيعية كانت قيدًا غير ضروري على المعرفة والفهم البشري. وجادل بأنه من الممكن معرفة الحقائق حول العالم بشكل مستقل عن العملية التي جرى من خلالها التحقق من صحة هذه الحقائق باعتبارها حقائق. التكرار الأبسط لتعريف المغالطة الطبيعية هو أن مور اعتقد أنه يمكن للمرء أن يعرف ما هو «جيد» أو «سيئ» بشكل مستقل عما إذا كانت المعرفة أتت من الله أم لا مثلًا.

يمكن القول أن مغالطة المذهب الطبيعي هو الاعتقاد السائد بأن عالمنا، الذي نختبره بحواسنا الخمس، هو تصوير دقيق للواقع. يمثل ذلك تحيزًا معرفيًا، إذ يميل البشر إلى الاعتقاد بأن ما يمكنهم تجربته فقط من خلال حواسهم الخمسة هو حقيقي. أولئك الذين يؤمنون بهذه الفكرة سيؤكدون في كثير من الأحيان أن أي شيء آخر، مثل النظريات العلمية والإحصاءات، هو مجرد هراء مختلق.

تعد المغالطة الطبيعية من أخطر المغالطات في تاريخ البلاغة. تُفتعل عندما يفترض المؤلف أو المتحدث أن هناك علاقة طبيعية وثابتة بين الأشياء، مثل الطبيعة والبشر. تحاول الحجة استخلاص استنتاج حول كيف يجب أن تستند الأشياء إلى ادعاءات تتعلق بما هو طبيعي، كما لو كانت الطبيعة في حد ذاتها نوعًا من السلطة.

تتضمن مغالطة المذهب الطبيعي ربط فكرتين قد تبدوان مرتبطتين لكنهما ليستا كذلك فعلًا:

الانجذاب للطبيعة:

أحد جوانب المغالطة الطبيعية هو الفكرة (الخاطئة) القائلة بأن كل ما هو طبيعي لا يمكن أن يكون خطأ. ومن ثم، إذا تمكنا من العثور على مثال لسلوك معين «في الطبيعة»، فيجب أن يكون هذا السلوك مقبولًا للبشر. وبشكل عام، فإن الانجذاب للطبيعة هي فكرة أن الأشياء «الطبيعية» أفضل من الأشياء «المصطنعة».

يقول ستيفن بينكر: «المغالطة الطبيعية هي فكرة أن ما يوجد في الطبيعة جيّد. لقد كان أساس الداروينية الاجتماعية، الاعتقاد السائد بأن مساعدة الفقراء والمرضى ستعيق طريق التطور الذي يعتمد على مبدأ البقاء للأصلح. اليوم، يدين علماء الأحياء المغالطة الطبيعية لأنهم يريدون وصف العالم الطبيعي بأمانة، دون أن يستنبط الناس الأخلاق حول الطريقة التي يجب أن نتصرّف بها (كما في: إذا كانت الطيور والحيوانات تمارس الجنس أو تقتل الفراخ أو أكل لحوم البشر، فهذا أمر عادي)».

اشتقاق «ينبغي» من «الماهية»: جانب آخر من مغالطة الطبيعة هو الانتقال من «حقيقة» أي كلام تعريفي أو وصفي، إلى كلام إلزامي. قد يكون الاستنتاج حول الواجبات الأخلاقية أو حول الحالات المثالية، لكن الافتراض غير المعلن (والخطأ) هو أنه يجب علينا دائمًا قبول الأشياء كما هي.

أمثلة:

الصيغة المنطقية: 

إكس ما هو كائن، ومن ثم إكس ما ينبغي عليه أن يكون.

إكس ما هو غير كائن عادة، ومن ثم إكس لا ينغي عليه أن يكون.

المثلية الجنسية هي/ينبغي أن تكون خاطئة من الناحية الأخلاقية (خاصية أخلاقية) لأنها ليست طبيعية (خاصية طبيعية). أو المثلية الجنسية ليست عادية (خاصية طبيعية)، لذا فهي/ينبغي أن تكون لا أخلاقية (خاصية أخلاقية).

إذا حللنا ذلك واعتبرنا أن المثلية الجنسية (إكس) ليست طبيعية (إكس غير طبيعي)، فإننا نجادل في أن المثلية الجنسية مغلوطة أخلاقيًا (إكس لا ينبغي وجوده) لأنها ليست طبيعية (إكس ليس كذلك). يستند الادعاء بأن المثلية الجنسية ليس أمرًا طبيعيًا على تعريف الحياة الطبيعية على أنها ما هو «شائع الحدوث». يمكننا أن نرى الخلل في هذه الحجة من خلال تشبيه بسيط: الكذب والغش والسرقة أمور طبيعية (في أن معظم الناس يفعلون ذلك في وقت ما من حياتهم)، لكن هذا لا يجعل هذه التصرفات جيدة من الناحية الأخلاقية.

مثال آخر: الطبيعة تسبب الأمراض والعلل للناس، لذا من الخطأ أخلاقيًا التدخل في الطبيعة وعلاج المرضى بالأدوية.

إذا فسرنا ذلك، يمكننا القول أن الادعاء بأن الطبيعة تسبب الأمراض والعلل للناس هو إعلان لما هو (خاصية طبيعية في العالم)، ومن ثم نشتق ما (ينبغي) أي أنه (لا ينبغي أن نتدخل). قد يكون ذلك مربكًا، لكن علينا التذكر أن أن المغالطة الأساسية هنا هي استنتاج ما ينبغي مما هو كائن.

نحن نعارض الطبيعة (أو ما هو كائن) طوال الوقت. لا يمكننا أحيانًا استخدام الطبيعة كخط أساس أخلاقي، وفي أحيان أخرى ندينها بسبب إهمالها وعدم اكتراثها بالجنس البشري.

ما هو نقيض مغالطة المذهب الطبيعي

المغالطة الطبيعية هي عكس المغالطة الأخلاقية، إذ تعتمد الحجة على معتقد أخلاقي أو أخلاقيات شخصية. يمكن استخدام المغالطة الأخلاقية لدعم الادعاءات بأن شيئًا ما صحيح أو جيد أو عادل أو خاطئ بدلاً من كونه مجرد صحيح أو خطأ.

غالبًا ما تُستخدم المغالطات الأخلاقية لتبرير السياسات والممارسات اللاإنسانية. إذ يتجاهلون احتمال وجود مغالطة طبيعية أو فكرة أن الأخلاق ليست موضوعية. من الأمثلة الكلاسيكية على المغالطة الأخلاقية الحجة الشائعة القائلة بأن الجريمة لا يمكن الإفلات منها. يتبع هذا المنطق سببًا منطقيًا لأنه يشير إلى أن الجريمة ستؤدي إلى العديد من العواقب. ومع ذلك، هناك حالات ثبت فيها زيف القول بأن الجريمة لا يمكن الإفلات منها، إذ استطاع العديد من المجرمين الإفلات من جرائمهم.

المغالطة الأخلاقية ليس لها علاقة بالمذهب الطبيعي بل تتعلق أكثر بكيفية إدراك المرء ما هو الصواب والخطأ في المجتمع. تنص هذه المغالطة على أن بعض الأشياء سيئة بطبيعتها وأن بعض الأشياء جيدة بطبيعتها دون الاعتراف بالمعايير الثقافية أو المتغيرات الأخرى، مثل التفضيلات الفردية.

نقد مغالطة المذهب الطبيعي

ذهب البعض لرفض المغالطة الطبيعية واقتراح حلول لهذه المشكلة، فاقترح رالف ماكينيزي «العمليات المرتبطة»، باعتبار أن المشكلة الضرورية مرتبطة فعليًا بطبيعة الأشياء ذات الغايات أو الأهداف الضمنية (استعمال الساعة لتقييم الوقت، ومن ثم التفريق بين الساعة الجيدة والساعة السيئة لمعرفة ماهية الوقت).

أما البعض الآخر انتقد بعض الاستخدامات لدحض المغالطة الطبيعية لافتقارها إلى الأسس المنطقية، إذ كتب أليكس والتر: «غالباً ما يُلجأ إلى المغالطة الطبيعية وقانون هيوم بغرض وضع حدود حول نطاق البحث العلمي في الأخلاق. ويظهر هذان الاعتراضان أنهما بلا أي قوّة.» بينما قد يقول البعض أن اتهامات المغالطة الطبيعية هي تكتيكات بلاغية غير متسقة وليست اكتشاف مغالطة.

المصادر:

نريد أن نعيد لمنطقتنا مجدها السابق.أتريد ذلك أيضاً؟

خلال العصر الذهبي، ساهمت منطقتنا ببعض أكبر الاختراعات والعجائب العلمية في العالم الحديث. نحن نعيد إيقاد روح المعرفة والمجد والأمل التي ألهمت المنطقة خلال هذه الفترة، ونحن بحاجة إليك.

انضم إلينا