كيف أصبحت اللغة الإنجليزية لغة العلم والتقنية

يتكلم المزيد من الناس الإسبانية أكثر من اللغة الإنجليزية كلغة أولى. ما يقرب من ثلاثة أضعاف يتحدثون الصينية الماندرين في منازل أسرهم. ومع ذلك، قد يجادل قلة أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرائدة في العالم.

اللغة الإنجليزية هي اللغة الدولية للأعمال والتجارة والعلوم والطب والعديد من المجالات الرئيسية الأخرى. حتى في الدبلوماسية، إذ كانت الفرنسية ذات يوم هي السائدة، أصبحت اللغة الإنجليزية هي المهيمنة الآن في معظم مناطق العالم.

وفقًا للاستطلاع الشامل الذي أجراه المجلس الثقافي البريطاني، فإن عدد المتحدثين باللغة الإنجليزية غير الناطقين بها أو الذين يتحدثون اللغة الثانية يفوق عدد المتحدثين الأصليين أو المتحدثين الأصليين.

يقترح اللغوي الشهير ديفيد كريستال أن اللغة الإنجليزية أصبحت لغة عالمية بسبب قوة الأشخاص الذين يتحدثونها. استندت قوة اللغة الإنجليزية في البداية إلى عوامل سياسية وعسكرية، وأبرزها توسع الإمبراطورية البريطانية. في وقت لاحق، أدى دور اللغة الإنجليزية كلغة للثورات العلمية والصناعية والمالية والاقتصادية إلى زيادة تأثيرها.

يؤكد كريستال أن الأهمية المتزايدة للغة الإنجليزية لا ترجع إلى بنية اللغة نفسها. ويشير إلى أن اللغة الإنجليزية ليست متاحة بشكل خاص لمتحدثي اللغات الأخرى، بما تتميز به من أنماط تهجئة ونطق غريب. كما أنها تحوي على أكبر معجم (عدد الكلمات) من أي لغة أوروبية. فما أسباب انتشار اللغة الإنجليزية

مرونة اللغة الإنجليزية

يشعر لغويون آخرون أن كريستال يقلل من أهمية الطبيعة الخاصة للغة الإنجليزية. يجادل روبرت مكرم بأن اللغة الإنجليزية “تقوم بعمل جيد” في السماح لغير الناطقين بها بالتكيف معها.

اللغة الإنجليزية هي لغة جرمانية في قواعدها وبناء الجملة والمفردات الرئيسية. على الرغم من أن 30% فقط من الكلمات الإنجليزية هي من أصل أنجلوساكسوني، إلا أنها تشكل حوالي 70% من الكلمات المستخدمة في المحادثة المشتركة. الأفعال العشرة الأكثر شيوعًا كلها أفعال شاذة إذ لا تتبع النمط القياسي للاقتران وهذا بسبب إنها باقية من اللغة الإنجليزية القديمة.

من الأمور الأساسية لمرونة اللغة الإنجليزية أنها تقترض بشكل كبير من اللغات الأخرى – خاصة اللاتينية واليونانية والفرنسية. تُدمج هذه الكلمات المستعارة من خلال الاستخدام أو تختفي في الغموض.

يبدو أن تبني الكلمات المستعارة كان استراتيجية تطورية مفيدة لبقاء اللغة.

بشكل عام، فإن اصطلاح الكلمات المستعارة هو تركها قريبة من شكلها الأصلي. بالطبع هذا غير ممكن مع الأحرف غير الأبجدية، والتي على أي حال لا تعمل بشكل جيد مع أنظمة تكنولوجيا المعلومات.

قوة الإمبراطورية البريطانية في نشر اللغة الإنجليزية

امتدت الإمبراطورية البريطانية عبر الكرة الأرضية، ما أدى إلى القول بأن الشمس لم تغرب عليها أبدًا، لأنها كانت دائمًا نهارًا في مكان ما في الإمبراطورية. مع بداية التجارة مع آسيا وإفريقيا جنبًا إلى جنب مع الاستعمار والاستيطان في جميع أنحاء العالم، انتشرت اللغة تدريجيًا ولم يتحدثها البريطانيون فقط في الجزر البريطانية.

كانت اللغة الرسمية لبريطانيا العظمى تستخدم في الغالب في الإدارة والأعمال، بينما استمر السكان المحليون في التحدث بلغاتهم الأصلية. ومع ذلك، أصبحت اللغة الإنجليزية هي لغة التعليم، لا سيما في الأدب والفلسفة والشعر، على غرار الطريقة التي كانت تتحدث بها الفرنسية على نطاق واسع خلال ذروتها. ظلت اللغة الإنجليزية لغة نخبوية، لا يتحدث بها إلا المتعلمون، حتى تجاوزت الفرنسية باعتبارها اللغة الأكثر استخدامًا. ومع ذلك، فإن قصة هيمنة اللغة الإنجليزية لا تُنسب فقط إلى البريطانيين.

هيمنة الثقافة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية

في أعقاب الاضطرابات التي حدثت في الحربين العالميتين ، كان المشهد العالمي في حالة تغير مستمر. خلق صعود الشركات الأمريكية فرصًا تجارية جديدة في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى توسيع نطاق اللغة الإنجليزية. أصبحت الثقافة الأمريكية مؤثرة بشكل متزايد، لا سيما من خلال تصدير الموسيقى الشعبية والأفلام. ساهم ظهور موسيقى الجاز والروك أند رول وأنواع أخرى من كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في انتشار اللغة الإنجليزية خارج عالم التجارة وإلى عالم الترفيه.

لعب نمو هوليوود كصناعة سينمائية رئيسية، مع تصدير أفلامها عالميًا، دورًا أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، في الستينيات، وصلت حركة الثقافة المضادة مع التغيير الاجتماعي وحركة الهيبيز، ما أثر بشكل أكبر على انتشار اللغة الإنجليزية في جميع أنحاء العالم.

انتشار اللغة الإنجليزية في مجالات العلم والترفيه

غالبًا ما ترتبط اللغة الإنجليزية بأسلوب حياة أو ثقافة معينة تتعلق بالنجاح أو الترفيه على الطريقة الأمريكية ، فضلاً عن جودة بريطانية معينة. يستخدمه المعلنون في الأسواق متعددة الجنسيات للترويج لمنتجاتهم. علاوة على ذلك، اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة في صناعة السينما والموسيقى.

تُنتج معظم الأفلام ذات الميزانيات الكبيرة والأفلام الكلاسيكية باللغة الإنجليزية، وتميل الفرق الموسيقية التي تهدف إلى الشعبية أو الشهرة إلى إنتاج أعمالها باللغة الإنجليزية أيضًا. ربما يكون هذا بسبب انتشار اللغة الإنجليزية على نطاق أوسع ، أو لأنه يُنظر إليها على أنها مكون مهم لموسيقى البوب الجيدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرياضات التي نشأت في أمريكا مثل التزلج وكرة السلة لها مفرداتها كاملة باللغة الإنجليزية، ويتحدث العديد من كبار الرياضيين في هذه المجالات الإنجليزية حتى لو كانوا قادمين من الخارج.

مع صعود الولايات المتحدة لتصبح قوة مهيمنة في التجارة والتمويل العالميين، أدى اختراع الإنترنت إلى زيادة سرعة انتشار اللغة الإنجليزية. أدى ذلك إلى إنشاء معجم تقني واسع للمصطلحات الإنجليزية لأجهزة الكمبيوتر والتكنولوجيا. تعتمد الأجهزة والبرامج الخاصة بأجهزتنا الذكية، وكذلك الإنترنت نفسه، بشكل كبير على الكلمات والعبارات الإنجليزية التي أصبحت عالمية. ويرجع ذلك جزئيًا إلى لوحة المفاتيح القائمة على اللاتينية والمستخدمة للكتابة بالعديد من اللغات، ما سهل انتشار المصطلحات التي تعتمد على اللغة الإنجليزية.

أصبحت اللغة الإنجليزية أيضًا اللغة الأساسية للبحث والنشر العلمي، حيث اختارت الجامعات والمؤسسات البحثية حول العالم نشر أعمالها باللغة الإنجليزية. نتيجة لذلك، يجب أن يتقن العلماء والأكاديميون اللغة الإنجليزية لمواكبة أحدث الأبحاث والاكتشافات.

اليوم، مع استمرار التكنولوجيا والعلوم في لعب أدوار متزايدة الأهمية في حياتنا، من المرجح أن تظل اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة للتجارة والتمويل والابتكار في المستقبل المنظور.