خلال أزمة الصواريخ في كوبا، انخرط قادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في مواجهة سياسية وعسكرية متوترة استمرت 13 يومًا في أكتوبر 1962 حول نشر صواريخ سوفيتية تحمل رؤوسًا نوويًا في كوبا، على بعد 90 ميلاً فقط من شواطئ الولايات المتحدة. في خطاب تلفزيوني في 22 أكتوبر 1962، أخطر الرئيس جون كينيدي (1917-1963) الأمريكيين بوجود الصواريخ، وشرح قراره بفرض حصار بحري حول كوبا وأوضح أن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر لتحييد هذا التهديد للأمن القومي. بعد هذا الخبر، خشي الكثير من الناس أن يكون العالم على شفا حرب نووية. ومع ذلك، مرّت الكارثة عندما وافقت الولايات المتحدة على عرض الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف (1894-1971) لإزالة الصواريخ الكوبية مقابل وعد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا. كما وافق كينيدي سرًا على إزالة الصواريخ الأمريكية من تركيا.

كيف اكتُشفت الصواريخ في كوبا

بعد الاستيلاء على السلطة في جزيرة كوبا الكاريبية عام 1959، تحالف الزعيم الثوري اليساري فيدل كاسترو (1926-2016) مع الاتحاد السوفيتي. تحت حكم كاسترو، أصبحت كوبا تعتمد على السوفييت للحصول على المساعدات العسكرية والاقتصادية. خلال هذا الوقت، انخرطت الولايات المتحدة والسوفييت (وحلفاؤهم) في الحرب الباردة (1945-1991)، وهي سلسلة مستمرة من الاشتباكات السياسية والاقتصادية إلى حد كبير.

انغمست القوتان العظمى في إحدى أكبر مواجهاتهما في الحرب الباردة بعد أن حلّقت طائرة تجسس أمريكية من طراز U-2 بقيادة الرائد ريتشارد هيزر على ارتفاع شاهق فوق كوبا في 14 أكتوبر 1962، وصوّرت صواريخ باليستية سوفيتي من طراز SS-4 متوسطة المدى تُجمع لتثبيتها في المنطقة.

أخطِر الرئيس كينيدي بالوضع في 16 أكتوبر، ودعا على الفور لاجتماع مجموعة من المستشارين والمسؤولين المعروفين باسم اللجنة التنفيذية. خلال الأسبوعين التاليين تقريبًا، واجه الرئيس وفريقه أزمة دبلوماسية ذات أبعاد ملحمية، وحدث ذات الأمر مع نظرائهم في الاتحاد السوفيتي.

خطر محدق من كوبا

بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين، نشأت الضرورة الملحة للوضع من حقيقة أن الصواريخ الكوبية المجهزة برؤوس نووية كانت تقع بالقرب من البر الرئيسي للولايات المتحدة؛ على بعد 90 ميلاً جنوب فلوريدا. من نقطة الإطلاق تلك، كانوا قادرين على الوصول بسرعة إلى أهداف في شرق الولايات المتحدة.إذا سمح للصواريخ بأن تصبح جاهزة للعمل، فإن الصواريخ ستغير بشكل أساسي من طبيعة التنافس النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، والذي كان يهيمن عليه الأمريكيون في ذلك الوقت.

راهن الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف على إرسال الصواريخ إلى كوبا بهدف محدد يتمثل في زيادة قدرة بلاده على الضربات النووية. لطالما شعر السوفييت بعدم الارتياح بشأن عدد الأسلحة النووية القريبة من بلادهم من مواقع في أوروبا الغربية وتركيا، ورأوا أن نشر الصواريخ في كوبا هو وسيلة لتحقيق التكافؤ. كان العامل الرئيسي الآخر في مخطط الصواريخ السوفيتية هو العلاقة العدائية بين الولايات المتحدة وكوبا. كانت إدارة كينيدي قد شنت بالفعل هجومًا واحدًا على الجزيرة -غزو خليج الخنازير الفاشل في عام 1961 – ورأى كاسترو وخروتشوف أن الصواريخ وسيلة لردع المزيد من العدوان الأمريكي.

كيف تعامل الرئيس كينيدي مع الأزمة في كوبا

منذ بداية الأزمة، قرر كينيدي واللجنة التنفيذية أن وجود الصواريخ السوفيتية في كوبا أمر غير مقبول. كان التحدي الذي يواجههم هو تنسيق إزالتها دون بدء نزاع أوسع؛ وربما حرب نووية. في المداولات التي استمرت لما يقرب من أسبوع، توصلوا إلى مجموعة متنوعة من الخيارات، بما في ذلك هجوم بالقنابل على مواقع الصواريخ وغزو واسع النطاق لكوبا. لكن كينيدي قرر في النهاية اتباع نهج أكثر دقة. أولاً، سيوظف البحرية الأمريكية لفرض حصار أو على الجزيرة لمنع السوفييت من إيصال صواريخ ومعدات عسكرية إضافية. ثانيًا، سيوجه إنذارًا أخيرًا لإزالة الصواريخ الموجودة.

في بث تلفزيوني في 22 أكتوبر 1962، أخطر الرئيس الأمريكيين بوجود الصواريخ، وشرح قراره بفرض الحصار وأوضح أن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر لتحييد هذا التهديد على الأمن القومي. بعد هذا الإعلان العلني، انتظر الناس في جميع أنحاء العالم بقلق الرد السوفييتي. خشي بعض الأمريكيين أن تكون بلادهم على شفا حرب نووية، ما حدا بهم إلى تخزين الطعام والغاز.

الحصار على كوبا

وصلت لحظة حاسمة في الأزمة في 24 أكتوبر، عندما اقتربت السفن السوفيتية المتجهة إلى كوبا من خط السفن الأمريكية التي تفرض الحصار. كان من المحتمل أن تؤدي محاولة السوفييت لخرق الحصار إلى مواجهة عسكرية كان من الممكن أن تتصاعد بسرعة إلى تراشق نووي. لكن السفن السوفيتية لم تصل إلى مستوى الحصار.

على الرغم من أن الأحداث في البحر قدمت إشارة إيجابية على أنه يمكن تجنب الحرب، إلا أنها لم تفعل شيئًا لمعالجة مشكلة الصواريخ الموجودة بالفعل في كوبا. استمرت المواجهة المتوترة بين القوى العظمى خلال الأسبوع، وفي 27 أكتوبر، أسقِطت طائرة استطلاع أمريكية فوق كوبا، وجرى تجهيز قوة غزو أمريكية في فلوريدا. (يعتبر الرائد رودولف أندرسون، قائد الطائرة، البالغ من العمر 35 عامًا، الضحية القتالية الأمريكية الوحيدة في أزمة الصواريخ الكوبية). كان روبرت مكنمارا (1916-2009) وزير الدفاع الأمريكي في ذاك الوقت يقول كنت أشعر أن ذلك آخر سبت أراه في حياتي، كما نقل عنه مارتن ووكر في كتاب «الحرب الباردة». شعر اللاعبون الرئيسيون الآخرون على كلا الجانبين بإحساس مماثل بالموت.

حل الأزمة وانتهاء التوتر

على الرغم من التوتر الهائل، وجد القادة السوفييت والأمريكيون طريقة للخروج من المأزق. خلال الأزمة، تبادل الأمريكيون والسوفييت الرسائل والاتصالات الأخرى، وفي 26 أكتوبر، أرسل خروتشوف رسالة إلى كينيدي عرض فيها إزالة الصواريخ الكوبية مقابل وعد من قادة الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا. في اليوم التالي، أرسل الزعيم السوفيتي خطابًا يقترح فيه أن يفكك الاتحاد السوفيتي صواريخه في كوبا إذا أزال الأمريكيون منشآتهم الصاروخية في تركيا.

رسميًا د، قررت إدارة كينيدي قبول شروط الرسالة الأولى وتجاهل خطاب خروتشوف الثاني تمامًا. لكن في السر، وافق المسؤولون الأمريكيون أيضًا على سحب صواريخ بلادهم من تركيا. سلّم المدعي العام الأمريكي روبرت كينيدي (1925-1968) الرسالة شخصيًا إلى السفير السوفيتي في واشنطن، وفي 28 أكتوبر، اقتربت الأزمة من نهايتها.

استفاق كل من الأمريكيين والسوفييت من نشوة القوة بأزمة الصواريخ الكوبية. في العام التالي، أنشِئ خط اتصال مباشر (الخط الساخن) بين واشنطن وموسكو للمساعدة في نزع فتيل مواقف مماثلة، ووقعت القوى العظمى معاهدتين تتعلقان بالأسلحة النووية. كانت الحرب الباردة وسباق التسلح النووي لم ينته بعد. في الواقع، كان الإرث الآخر للأزمة هو إقناع السوفييت بزيادة استثماراتهم في ترسانة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات القادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة من الأراضي السوفيتية.

نريد أن نعيد لمنطقتنا مجدها السابق.أتريد ذلك أيضاً؟

خلال العصر الذهبي، ساهمت منطقتنا ببعض أكبر الاختراعات والعجائب العلمية في العالم الحديث. نحن نعيد إيقاد روح المعرفة والمجد والأمل التي ألهمت المنطقة خلال هذه الفترة، ونحن بحاجة إليك.

انضم إلينا