أكثر من ثلاثة ملايين ضحية في العام سنويًا والعدد في ازدياد. لماذا يبقى تسليط الضوء على ختان الإناث أمراً لا بد منه؟
احتل موضوع ختان الإناث صدارة وسائل الإعلام العالمية خلال العقد الفائت، إذ أثار موجة من الاستهجان والجدل بين محافظين على تقليد بال دون حكم ديني أو علمي واضح وبين معارضين لأحد أهم أشكال التمييز الجنسي حول العالم، خصوصًا بعد أن أطلقت المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسف حملات واسعة لإنهاء هذا الفعل بشكل تام في الأعوام الماضية.
يدعى ختان الإناث في اللغة العربية باسم الخفض، بينما أطلقت منظمة الصحة العالمية عليه مصطلح تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. يشمل هذا التعريف أي عمل يتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية دون مبرر طبي، وهناك أربعة أنماط أساسية تندرج تحت هذا المفهوم:
- إزالة غطاء البظر لوحده أو مع الغدد الملحقة، ونادرًا ما يُجرى بمفرده.
- الاستئصال: ينطوي هذا النوع على إزالة (كلية أو جزئية) للشفرين الداخليين مع إزالة الشفريين الخارجيين والبظر أو بدونها.
- وهو ما يدعى بالختان الفرعوني أو التبتِيك، ويشمل إزالة جميع الأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية، إذ يقطع الشفران الداخليان والخارجيان مع البظر ويعاد وصلهما. بعد القطع تخاط المنطقة لترك فتحة صغيرة تسمح بخروج دم الطمث والبول.
- يشمل هذا النمط جميع الإجراءات الأخرى مثل الوخز والثقب والكشط والكي وغيرها من الممارسات غير الطبية التي تجرى بأيد غير خبيرة.
من الصعب تحديد الجذور التاريخية لهذا التقليد بشكل دقيق، إذ ينسبه بعض المؤرخين إلى مصر القديمة أو الحضارة المروية في السودان. يمارَس الختان اليوم على نطاق واسع في نحو 30 دولة حول العالم، معظمها في إفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وفقًا لتقرير نشرته منظمة الصحة العالمية عام 2016، تجاوز عدد الإناث المختونات حول العالم 200 مليون أنثى. بمعنى آخر، تعرضت واحدة من عشرين فتاة إلى تشويه الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل أو بآخر. تصدرت مصر قائمة الدول بعدد الإناث اللواتي تعرضن للختان، وسجلت أعلى نسبة من المختونات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15-49 عامًا في الصومال (98%) تليها غينيا (97%) وجيبوتي (93%) ثم مصر (90%).
تمثل الفتيات بعمر الرابعة عشر أو أقل حوالي 44 مليونًا من مجموع المختونات عالميًا، وسجلت أعلى نسبة ختان ضمن هذه الفئة في غامبيا (56%) تليها موريتانيا (54%) ثم إندونيسيا (49%).
يسبب تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية مشاكل صحية ونفسية عديدة قد ترافق الأنثى طوال حياتها، وتعتمد شدة الإصابة على عدد من العوامل، مثل نظافة الأدوات المستعملة ونوعية الإجراء المتبع وخبرة من يؤديه، إذ يعد الختان الفرعوني أسوأ أنواع الختان من حيث المشاكل الصحية اللاحقة.
كثيرًا ما ترافق الختان آلام مبرحة للأنثى، خاصة التي لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات، إذ غالبًا ما يجرى هذا العمل دون أي تخدير يذكر. قد يسبب الختان أيضًا نزفًا شديدًا تاليًا للجرح ربما يودي بحياة الفتاة في بعض الحالات.
تعد العدوى الناجمة عن إهمال التعقيم أثناء الختان إحدى أكثر المضاعفات شيوعاً، بالإضافة إلى المشاكل البولية، من آلام وحرقة واحتباس بولي، والذي قد يكون شديدًا ومعيقًا للأنثى طوال حياتها.
كما تعاني المختونات من آلام الدورة الشهرية المزمنة، بالإضافة إلى صعوبة الجماع التي قد تعرقل الحياة الجنسية. ترافق المختونات أيضًا مشاكل عديدة أثناء الحمل وخاصة حول فترة الولادة، مثل النزيف والمخاض الطويل والعسير الذي قد يؤثر بشدة على صحة الأم والطفل.
تنظر العديد من المجتمعات إلى هذا الطقس على أنه جريمة بحق الطفولة والمرأة، بينما يراه البعض أحد مظاهر العفة والبراءة. وعلى الرغم من تجريم هذا الفعل ضمن قوانين معظم الدول التي يمارس فيها، لم تدخل القوانين الرادعة حيز التنفيذ على المستوى المحلي، لذلك تواصل العديد من المنظمات الإنسانية حملاتها الواسعة للتوعية من مخاطر هذا الإجراء، مثل منظمة الأمم المتحدة التي أعلنت السادس من فبراير يومًا عالميًا لمحاربة ختان الإناث.