أعاد النظر في العديد من الافتراضات الراسخة في عقيدة المجتمع منذ عشرات السنين
تحدث عن العنصرية والجريمة والهجرة وغيرها من المواضيع التي تدخل في صلب تركيبة المجتمع الأمريكي، وتعبر بشكل أوسع عن خفايا الطبيعة البشرية.
في عصر أكد فيه العديد من قادة حركة الحقوق المدنية أن الخلفية العرقية تحدد الهوية السياسية بسبب ما يرتبط بها من قمع وتفاوت معيشي، برز سويل كرمز يدمج الاقتصاد بالتاريخ والسياسة، ويدعم فكرة السوق الحرة كمكان لتكافؤ الفرص يسمح للجميع بالوصول إلى القمة.
ولد توماس سويل عام 1930 في ريف ولاية كارولاينا الشمالية مع بداية الكساد الكبير، وترعرع يتيمًا في حي هارلم شمال مدينة نيويورك ليتعلم تحمل المسؤولية وبذل الجهد في سبيل الحياة الكريمة.
تنقل خلال حياته الدراسية بين عدد من الجامعات، إذ نال إجازة في الاقتصاد من جامعة هارفارد وشهادة الماستر من جامعة كولومبيا ثم شهادة الدكتوراه من جامعة شيكاغو.
تأثر سويل خلال شبابه بأفكار كارل ماركس كبقية شباب جيل الكساد الكبير، لكن أفكاره تحولت جذريًا بعد دخول الحياة العملية والتعامل مع زعماء الحركات العمالية، الذين ينفذون –برأيه- أجنداتهم الشخصية بعيدًا عن الاهتمامات الحقيقية للطبقة العاملة.
يميل موقف سويل الاقتصادي إلى الليبرتارية، فهو من أنصار السوق الحرة المفتوحة، وضد جميع أشكال التدخل الحكومي لتقييد السوق أو رفع الحد الأدنى للأجور، إذ يعتبر رفع الأجور سببًا لإفلاس مشاريع العمل والدفع بالعمال محدودي الخبرة نحو البطالة.
يتجلى ذكاؤه الحاد في الربط بين مختلف جوانب الحياة وتوضيح كونها جميعًا محاولات لفهم الطبيعة البشرية، إذ يصل بمنطقه الاقتصادي إلى توجهات غير مسبوقة في المجالات الاجتماعية والسياسية والتاريخية، فينقض فرضية كون العبودية والتمييز العنصري سببين لتفكك مجتمعات ذوي البشرة السمراء والمهاجرين، ويذكر نظام الرعاية الاجتماعية كسبب لفقدان الدافع نحو العمل وتقويض قيمة الجهد والمسؤولية الفردية.
لهذه الأسباب كانت أفكار سويل وما زالت سبب انقسام واسع في أوساط الاقتصاد والسياسة والاجتماع، إذ يعتبره مناصروه مثالًا للعبقرية غير المقيدة بلجام الانتماء العرقي وعقلية القطيع، لكن مسيرته المهنية الطويلة لم تخل من النقد والجدل، إذ ينتقد معارضوه غياب المنهجية والعلاقات الواضحة بين الفرضية والبرهان في بعض كتاباته، وإغفال الدور الواضح الذي تلعبه عناصر مثل الجنسية والعرق والطبقة الاجتماعية في نجاح الأفراد بشكل لا يجعل الفرص متساوية للجميع.
ألف خلال حياته ما يفوق الأربعين كتابًا كان آخرها كتاب المدارس الأهلية وأعداؤها الصادر عام 2020، إضافة إلى نشاطه العملي كمعلق اقتصادي وسياسي وكاتب عمود صحفي نشرت له مئات الصحف في جميع أرجاء العالم.
حتى بعد إطفاء شمعة عيد ميلاده التسعين، بقي شغف سويل واهتمامه بالتعليق على القضايا التاريخية والمعاصرة متقدًا حتى اليوم.