لماذا تشرق الشمس من الشرق؟ لماذا يغلي الماء عند تسخينه؟ ما هو أفضل وقت للتسوق؟

قد تبدو هذه الأسئلة عشوائية وغير مترابطة، لكنها جميعًا أمثلة عن الأسئلة التي يمكن للمنهج العلمي أن يجيب عنها، فما هو هذا المنهج؟ ولماذا تعتمد عليه كافة العلوم الحديثة؟

تعود الجذور الأولى للمنهج العلمي إلى ملاحظات أرسطو الذي قال إن الظواهر الطبيعية غير قابلة للتفسير باستخدام التفكير المجرد لوحده، لكن تطبيقه الحقيقي بدأ بالفيلسوف وعالم البصريات ابن الهيثم خلال الفترة الذهبية للعلوم العربية والإسلامية في العصر العباسي، والذي أثبت بالمنهج العلمي أن الرؤية ناتجة عن انعكاس الضوء من الأجسام المشاهدة إلى العين، وليس العكس كما اعتقد الجميع.

يجسد المنهج العلمي الاستخدام المنطقي للملاحظة والتجربة في سبيل الوصول إلى الحقيقة التي قد تكون حلًا لمشكلة أو تفسيرًا لظاهرة طبيعية، ويبدأ بالملاحظة وطرح الأسئلة التي يجب أن تضع التساؤل في موقع الإثبات أو النفي، وهي المرحلة الأولى من المنهج العلمي.

المرحلة الثانية هي البحث العلمي، وفيها يستخدم الباحث المصادر العلمية الموثوقة لجمع أكبر قدر ممكن من البيانات المتعلقة بالسؤال المطروح، ويمكن ملاحظة ذلك في حياتنا العملية عند استخدام الإنترنت في البحث عن أفضل نظام غذائي لمرضى السكري أو العدد المثالي من ساعات النوم اليومية.

في المرحلة الثالثة نضع الفرضية العلمية، وهي فكرة قابلة للتجريب بهدف الإثبات أو النفي بشكل قاطع. كأن نقول إن الشمس تشرق من الشرق لأن الأرض تدور حول نفسها من الغرب إلى الشرق، أو أن نوعًا من الهواتف المحمولة هو الأفضل من ناحية الأداء والتصوير.

المرحلة الرابعة هي تجربة الفرضية المطروحة. من المهم في التجربة العلمية أن تكون جميع التفاصيل والمتغيرات والظروف الخارجية المؤثرة على النتيجة معروفة وموثقة لتكون قابلة لإعادة التجريب على نطاق أوسع ومن قبل أي طرف دون أن تختلف النتيجة النهائية. نذكر من الأمثلة على ذلك التجارب الدوائية التي تقارن فعالية دواء جديد بدواء قديم على مجموعتين متساويتين من المرضى مع أخذ جميع المتغيرات مثل العمر والجنس والحالة الصحية بعين الاعتبار.

أما الخطوة الخامسة، فتشمل جمع المعلومات والنتائج لتحري صحة الفرضية المطروحة من عدمها، كثيرًا ما يقرر الباحثون بعد تحليل البيانات تعديل تفاصيل التجربة أو الفرضية المطروحة بما يحقق أعلى درجة من الدقة في النتائج.

المرحلة السادسة والأخيرة هي مرحلة مشاركة النتائج، وهنا يقدم الباحثون نتائجهم بعد مراجعتها وتدقيقها وذكر جميع التفاصيل وطرق البحث بشكل مفصل بما يضمن الحقوق الفكرية للباحث ويسمح لأقرانه في مختلف أنحاء العالم بإعادة التجربة في ظروف مشابهة للحصول على النتائج ذاتها أو نقض الفرضية الأصلية، لهذا السبب تعتبر مراجعة الأقران ركيزة أساسية من ركائز المنهج العلمي.

لعل نقطة القوة الأهم للمنهج العلمي هي خضوعه للمراجعة المستمرة من قبل الأقران بما يمنع الوقوع في خطأ التحيز المبني على إجراء تجارب غير قابلة للتعميم، مثل تقدير انتشار مرض ما في بيئة معينة لنكتشف لاحقًا أنه لا يصيب جميع المجموعات البشرية بشكل متشابه مثل سرطان الجلد الذي يميل لإصابة ذوي البشرة البيضاء، كما لا يجب أن نهمل القاعدة الذهبية «الترابط لا يعني السببية»، إذ يجب البحث عن علاقة سببية واضحة تربط المتغيرات المختلفة مثل ارتباط التمارين الرياضية بخسارة الوزن أو النوم الكافي بتحسن الأداء في العمل.

اقتراح: إضافة الرسم البياني الذي يبين ترابطًا بين الإنفاق العسكري للولايات المتحدة وحالات الانتحار في البلاد

ففي هذا المثال، نرى ترابطًا بين الإنفاق العسكري السنوي للولايات المتحدة مع حالات الانتحار شنقًا في البلاد، لكن ذلك لا يعني وجود علاقة سببية بينهما في الواقع.

في النهاية، لا يمكن لأحد أن يصف المنهج العلمي بالكمال والمثالية، لكن الفضل يعود له بكونه وسيلتنا الوحيدة المضمونة لاكتشاف العالم وتحقيق أفضل شكل ممكن للحياة، فهو عملية مستمرة لا تتوقف بهدف السعي نحو الحقيقة.

نريد أن نعيد لمنطقتنا مجدها السابق.أتريد ذلك أيضاً؟

خلال العصر الذهبي، ساهمت منطقتنا ببعض أكبر الاختراعات والعجائب العلمية في العالم الحديث. نحن نعيد إيقاد روح المعرفة والمجد والأمل التي ألهمت المنطقة خلال هذه الفترة، ونحن بحاجة إليك.

انضم إلينا