معسكرات شديدة الرقابة وصفت بأكبر سجن جماعي منذ الهولوكوست، هناك يعيش مليون مسلم من سكان إقليم شينجيانغ الصيني. فمن هم الإيغور؟ وما خلفية عدائهم مع الصين؟

الإيغور هم أقلّية إثنية مسلمة، تقدر أعدادهم بنحو 12 مليون نسمة يتركز معظمهم في إقليم شينجيانغ شمال غرب الصين. يقطن الإيغور هذه المنطقة منذ عدة قرون ويتحدثون لغة خاصة شبيهة بالتركية. الغالبية العظمى من الإيغور هم من الإسلام السنة، ويعتبرون الإسلام جزءًا أساسيًا من هويتهم.

يحتل إقليم شينجيانغ مكانة اقتصادية وجغرافية مهمة بالنسبة إلى الصين، إذ يعد الإقليم مسؤولًا عن أكثر من 40% من احتياطي الفحم الصيني، إضافة إلى 20% من احتياطي الغاز والنفط، إلى جانب موقعه الجغرافي المميز الذي مثل جزءًا رئيسيًا من طريق الحرير القديم، وبوابة عبور أساسية لخطوط الغاز والقطارات من الصين إلى الدول المجاورة.

يرفض عدد كبير من الإيغور الاعتراف بإقليم شينجيانغ كجزء من الصين، فهم يعتبرون أن أسلافهم قطنوا هذه المنطقة قبل أن تفرض سلالتا “تانغ” و”هان” الصينيتان سيطرتهما عليها. تاريخيًا، حصل الإيغور على استقلالهم مرتين خلال القرن الماضي، الأولى كانت عام 1933، إذ أعلن عن قيام جمهورية شرق تركمانستان الإسلامية، لكن السلطات الصينية فرضت سيطرتها عليها خلال أقل من سنة. أما المرة الثانية فكانت عام 1944، إذ قامت جمهورية شرق تركمانستان بدعم من الاتحاد السوفيتي. بعد وقوع الصين تحت الحكم الشيوعي عام 1949، انقلب الاتحاد السوفيتي ضد الإيغور وساعد الصين بفرض هيمنتها على المنطقة من جديد.

أسس مجموعة من الجهاديين الإيغور “الحزب الإسلامي التركستاني”، وهي منظمة إسلامية متطرفة هدفها الرئيسي إقامة دولة مستقلة تدعى تركستان الشرقية لتحل محل شينجيانغ. وفقًا للتقارير، ارتكبت هذه الحركة بين عامي 1990 و2001 أكثر من 200 عمل إرهابي، وشاركت في الحرب الأهلية السورية. اعترفت الأمم المتحدة بالحركة رسميًا كمنظمة إرهابية عام 2002.

ما هي طبيعة الانتهاكات التي تمارسها الحكومة الصينية ضد الإيغور؟

أصدرت هيئة الأمم المتحدة لمكافحة التمييز العرقي تقريرًا مفاده أن الحكومة الصينية تحتجز حوالي مليون مواطن من الإيغور في مراكز لإعادة التأهيل، مدعية أن هذه المراكز مجرد معسكرات تدريب مهني مهمتها الأساسية القضاء على التطرف العنصري الإسلامي وأن الانتهاكات المزعومة هي مجرد إشاعات لا محل لها من الصحة.

لكن هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي نيوز كشفت عام 2018 عن اعتقال مئات الآلاف من الإيغور سنويًا، وفصل نحو نصف مليون طفل بالقوة عن أهاليهم، ووضعهم في معسكرات شديدة المراقبة، كما أفادت صحيفة نيويورك تايمز أن المحتجزين في هذه المعتقلات يتعرضون للإساءة الجسدية واللفظية من قبل الحرس ويعيشون في ظروف غير صحية وشديدة القساوة أثناء فترة إعادة تأهيلهم السياسي.

إضافة إلى ذلك، هناك أدلة تشير إلى استعمال بكين طرائق متنوعة لتخفيض معدل الإنجاب للإيغور، إذ بين تقرير نشر في يونيو عام 2020 أن السلطات الصينية تجبر نساء الإيغور على عمليات إعقام، أو تزودهن بوسائل لمنع الحمل. أفادت الاستقصاءات أن نساء إقليم شينجيانغ دفعن غرامات عديدة وواجهن توعدات بالاعتقال لتجاهلهن قوانين الإنجاب، علاوة على إخضاع البعض للإعقام القسري واستخدام اللوالب المانعة للحمل.

فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على العديد من المسؤولين وأصحاب الشركات الصينية التي يُعتقد بتورطها في ممارسات الحكومة الصينية ضد إيغور شينجيانغ. كما أدانت كل من فرنسا وبريطانيا الانتهاكات “الجسيمة” لحقوق الإنسان في الصين، لكن الحكومتين لم تفرضا حتى الآن أي عقوبات تذكر.

نظراً لأهمية إقليم شينجيانغ الاقتصادية، تعتبر السيطرة عليه مسألة أمن قومي بالنسبة إلى الصين، فهل يبرر ذلك الممارسات الممنهجة التي من شأنها أن تمحو الإرث الثقافي والديني لإحدى أكبر الأقليات في المجتمع الصيني؟

نريد أن نعيد لمنطقتنا مجدها السابق.أتريد ذلك أيضاً؟

خلال العصر الذهبي، ساهمت منطقتنا ببعض أكبر الاختراعات والعجائب العلمية في العالم الحديث. نحن نعيد إيقاد روح المعرفة والمجد والأمل التي ألهمت المنطقة خلال هذه الفترة، ونحن بحاجة إليك.

انضم إلينا